في الإسلام، يُعتبر الذكر من أعظم العبادات التي تربط العبد بربه، وتُعينه على مواجهة مشاق الحياة، وتُحصنّه من الشرور والآفات. وقد حثّ النبي ﷺ على المداومة على أذكار الصباح والمساء، وجعلها وقايةً ونورًا للمسلم في دنياه وآخرته. فهي بمثابة الدرع الروحي الذي يحفظ المؤمن من كل سوء، ويجلب له الطمأنينة والبركة.
فضل أذكار الصباح والمساء
أكد القرآن الكريم والسنة النبوية على فضل الذكر عمومًا، وأذكار الصباح والمساء خصوصًا. قال تعالى:
**﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ﴾** (الأعراف: 205).
والغدوّ هو وقت الصباح، والآصال هو وقت المساء، مما يدل على أهمية الذكر في هذين الوقتين. كما قال النبي ﷺ:
**”مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ فِي صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ: بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، لَمْ يَضُرَّهُ شَيْءٌ”** (أخرجه الترمذي).
أهم الأذكار الواردة في الصباح والمساء
1. أذكار الصباح
– قراءة آية الكرسي:
**” اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ”** (البقرة: 255).
من قرأها في الصباح حُفظ من الشيطان حتى المساء.
– سورة الإخلاص والمعوذتين (ثلاث مرات):
الْإِخلَاص
” قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)”
الفلق
” قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1) مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ (2) وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ (3) وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ (4) وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ (5)”
الناس
” قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَهِ النَّاسِ (3) مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6).”
فهي تحفظ من العين والسحر والشرور.
دعاء الصباح:
**”أَصْبَحْنَا وَأَصْبَحَ المُلْكُ لِلَّهِ، وَالحَمْدُ لِلَّهِ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ…”**.
**” بسمِ اللَّهِ الَّذي لا يضرُّ معَ اسمِهِ شيءٌ في الأرضِ ولا في السَّماءِ وَهوَ السَّميعُ العليمُ ” (ثلاث مرات).**
2. أذكار المساء
– **قراءة آية الكرسي (كما في الصباح).**
– **سورة الإخلاص والمعوذتين (ثلاث مرات).**
دعاء المساء:
- **” أَمْسَيْنَا وَأَمْسَى المُلْكُ لِلَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لا شَرِيكَ ، له المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهو علَى كُلِّ شيءٍ قَدِيرٌ، رَبِّ أَسْأَلُكَ خَيْرَ ما في هذِه اللَّيْلَةِ وَخَيْرَ ما بَعْدَهَا، وَأَعُوذُ بكَ مِن شَرِّ ما في هذِه اللَّيْلَةِ وَشَرِّ ما بَعْدَهَا، رَبِّ أَعُوذُ بكَ مِنَ الكَسَلِ وَسُوءِ الكِبَرِ، رَبِّ أَعُوذُ بكَ مِن عَذَابٍ في النَّارِ وَعَذَابٍ في القَبْرِ “**.
– **” “أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّةِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ، وَذَرَأَ، وَبَرَأَ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ، وَمِنْ شَرِّ مَا يَعْرُجُ فِيهَا، وَمِنْ شَرِّ فِتَنِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَمِنْ شَرِّ كُلِّ طَارِقٍ إِلَّا طَارِقًا يَطْرُقُ بِخَيْرٍ، يَا رَحْمَنُ ” (ثلاث مرات).**
– **”اللَّهُمَّ بِكَ أَمْسَيْنَا، وَبِكَ نَحْيَا، وَبِكَ نَمُوتُ، وَإِلَيْكَ النُّشُورُ.”**
فوائد المداومة على الأذكار
1. **حفظ المسلم من الشرور والمكروهات**، كما في الحديث السابق.
2. **طمأنينة القلب**، قال تعالى: **﴿أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾** (الرعد: 28).
3. **تكفير الذنوب ورفع الدرجات**، ففي الحديث: **”مَنْ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ مِائَةَ مَرَّةٍ، حُطَّتْ خَطَايَاهُ وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ”** (متفق عليه).
4. **نيل محبة الله**، كما في الحديث القدسي: **”مَنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي…”** (متفق عليه).
***
أذكار الصباح والمساء هي نبراس النور الذي يضيء حياة المسلم، ويقيه من الهموم والشرور، ويقرّبه من ربه. فمن حافظ عليها كان في حفظ الله ورعايته، وعاش في كنف الأمان الإلهي. لذا، ينبغي للمسلم أن يجعلها وردًا يوميًّا لا يُفرّط فيه، ليكون في معية الله دائمًا.
**”وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ”** (آل عمران: 41).